فن البقاء مع المريض
بقلم: د. ريـمه بنت أحمد السميري،طبيبة زمالة في طب الرعاية التلطيفية
تحرير: د. سلمان باهمام، أستاذ مساعد و استشاري طب الرعاية التلطيفية
(تم تغيير اسم المريضة حفاظًا على الخصوصية، وسنُشير إليها بالاختصار: هـ.ع.)
بدأت هـ.ع. تحكي لي بهدوء أنها منذ يومين، دخلت في نوبة غضب…
صرخت، كرهت الغرفة، وأغضبت والدتها. قالت:
“ما أدري ليش سويت كذا… زعلت أمي، وأنا ندمت. طفشت من كل شيء.”
ثم أكملت بصوتٍ خافت:
“قامت أمي نادت الممرضات، وطلعوني أمشي شوي بالممر وأنا زعلانة من اللي صار.”
كانت كلماتها بسيطة، ولكنها مليئة بالتعب والخذلان والحاجة للاحتواء.
الوجود الصامت
بعد أن هدأ الحديث، وجهتها بلطف:
أن تطلب من والدتها فتح النافذة،
أن تستمع لشيء تحبه،
أن تمنح نفسها لحظة حياة… لا علاج فقط.
قلت لها إن رحمة الله أوسع من كل ضيق، وإنها في عين الله أقرب مما تظن.
لم أكن فقط أواسيها… كنت أتعلم.
تأملات ما بعد اللقاء
خرجت من غرفتها وأنا أفكر:
كم من مرضى يصرخون بألم عاطفي، لا نراه؟
كم من خطة نراجعها دون أن نراجع مشاعرهم؟
كم من مرة نغادر بسرعة، بينما كل ما يحتاجه المريض… هو أن نبقى؟
الرعاية التلطيفية لم تُعلّمني فقط كيف أخفف الألم،
بل كيف أصغي.
أن الوجود الصامت،
والنظرة الحنونة،
واليد التي تُمسك اليد… قد تكون أعظم دواء.